قال رئيس شعبة العلوم في المنظمة العالمية لصحة الحيوان، الدكتور غريغوريو توريس، إن هناك تحول ونقلة نوعية حديثة طرأت على الخصائص البيئية والوبائية لأنفلونزا الطيور، مما يزيد من القلق العالمي المواكب لانتشار المرض إلى مناطق جغرافية جديدة واحتمالية حدوث وفيات غير معتادة بين الطيور البرية إلى جانب ارتفاع مثير للقلق في حالات الإصابة به بين الثدييات.
وبحسب بيان مشترك صادر عن منظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، فإن الفاشيات الحالية لأنفلونزا الطيور تتسبب في حدوث دمار لمجموعات من الحيوانات، بما في ذلك الدواجن والطيور البرية وبعض الثدييات، كما أضرت الفاشيات بسبل عيش المزارعين وتجارة الأغذية، وإلى جانب تأثير تلك الفاشيات الواسع على الحيوانات، فإنها تشكل مخاطر مستمرة مُحدقة بالبشر.
كما حثّت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، ومنظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان؛ البلدان على العمل معًا في جميع القطاعات لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الحيوانات وحماية الناس.
انتشار إنفلونزا الطيور بين الثدييات
تنتشر فيروسات أنفلونزا الطيور عادة بين الطيور، إلا أن البيان أشار إلى أن العدد المتزايد من حالات اكتشاف أنفلونزا الطيور (H5N1) بين الثدييات، والتي تعد الأقرب من الناحية البيولوجية إلى البشر منها إلى الطيور، يثير المخاوف إزاء قدرة الفيروس على التكيُّف لإصابة البشر بالعدوى بسهولة أكبر.
كما قد تكون بعض الثدييات بمثابة أوعية لمزج فيروسات الأنفلونزا، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور فيروسات جديدة يمكن أن تُلحق ضررًا أكبر بالحيوانات والبشر.
تاريخ ظهور فيروسات أنفلونزا الطيور
يأتي تسلل ظهور فيروسات أنفلونزا الطيور بحسب البيان على النحو التالي:
– ظهرت سلالة (الأوز/ غوانغ دونغ) من فيروسات أنفلونزا الطيور (H5N1) للمرة الأولى في عام 1996، ومنذ ذلك الحين مازالت تسبب انتشار فاشيات الأمراض بين الطيور.
– منذ عام 2020، أدت نسخة متحورة من تلك الفيروسات تنتمي إلى الفرع الحيوي أحادي السلف 2.3.4.4b لفيروس الأنفلونزا H5 إلى وقوع عدد غير مسبوق من الوفيات بين الطيور البرية والدواجن في العديد من البلدان في أفريقيا، وآسيا، وأوروبا. وانتشر الفيروس في عام 2021 إلى أمريكا الشمالية، ثم انتشر في عام 2022 إلى أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية.
– في عام 2022، أبلغت 67 بلدًا في خمس قارات المنظمة العالمية لصحة الحيوان بفاشيات شديدة الإمراض لأنفلونزا الطيور (H5N1) في الدواجن والطيور البرية، فضلًا عن فقدان أكثر من 131 مليونًا من الدواجن المنزلية جرَّاء الوفاة أو الذبح في المزارع والقرى المتضررة.
– في عام 2023، أبلغت 14 بلدًا آخر بحدوث فاشيات، خصوصًا في الأمريكتين، مع استمرار انتشار المرض، كما أُبلغ بالعديد من أحداث الوفاة الجماعية في الطيور البرية التي سببها الفرع الحيوي الأحادي السلف 2.3.4.4b لفيروسات أنفلونزا الطيور(AH5N1).
رصد أحدث طفرة لانتشار الفاشيات بين الثدييات
خلال الفترة الأخيرة ظهر عدد كبير من التقارير عن فاشيات مميتة بين الثدييات ناجمة أيضًا عن فيروس الأنفلونزا (AH5)، بما في ذلك فيروسات الأنفلونزا (AH5N1)، وأبلغت 10 بلدان في ثلاث قارات المنظمة العالمية لصحة الحيوان بحدوث فاشيات بين الثدييات منذ عام 2022.
الثدييات البرية والبحرية تضرروا من الفاشيات
ومن المحتمل أن يكون هناك الكثير من البلدان الأخرى التي لم تُكتشف فيها الفاشيات أو لم يُبلغ بها بعد، وقد تضررت الثدييات البرية والبحرية على حد سواء، وشمل ذلك حدوث فاشيات في مزارع ثعالب الماء في أسبانيا، وقطعان الفقمة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأسود البحر في بيرو وشيلي، حيث بات من المعروف أن ما لا يقل عن 26 نوعًا قد تعرض للضرر جرَّاء ذلك. واكتُشفت فيروسات أنفلونزا الطيور (H5N1) أيضًا في الحيوانات الأليفة، مثل القطط والكلاب في العديد من البلدان، وأعلنت السلطات في بولندا مؤخرًا عن اكتشاف فيروس أنفلونزا (H5N1) في القطط.
مخاطر انتقال المرض إلى البشر
أوضح البيان أنه تم الإبلاغ بحدوث حالات اكتشاف متفرقة للإصابة بالفرع الحيوي الأحادي السلف 2.3.4.4b لفيروس الأنفلونزا (AH5N1) في صفوف البشر، لكنها لا تزال نادرة جدًا، حيث أُبلغ عن 8 حالات منذ ديسمبر 2021 حتى الآن.
الاختلاط بالطيور المصابة سبب أساسي لانتقال المرض للبشر
ويمكن أن تسبب العدوى بين البشر مرضًا خطيرًا إلى جانب ارتفاع معدل الوفيات، وترتبط الحالات المكتشفة بين البشر حتى الآن في معظمها بمخالطة الطيور المصابة والبيئات الملوثة عن قرب.
إنتشار الفيروس
تشير مديرة إدارة التأهب للأوبئة والجوائح والوقاية منها بمنظمة الصحة العالمية، الدكتورة سيلفي بريان، إلى أن المعلومات المتاحة حتى الآن توضح أن الفيروس غير قادر على الانتقال من شخص إلى آخر بسهولة، ولكن التيقظ مطلوب لاكتشاف أي تطور قد يطرأ على الفيروس وقد يغير من هذه الصورة.
البحث مستمر حول مدى خطورة الوضع على البشر
وأضافت دكتورة بريان أن منظمة الصحة العالمية تعمل عن كثب مع منظمة الأغذية والزراعة، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، وشبكات المختبرات لرصد تطور هذه الفيروسات، بحثًا عن إشارات دالة على حدوث أي تغيير يمكن أن يشكل خطورة أكبر على البشر، مشجعة جميع البلدان على تحسين قدرتها على رصد هذه الفيروسات والكشف عن أي حالات إصابة بين البشر، ويحظى هذا الأمر بأهمية خاصة نظرًا لأن الفيروس يصيب الآن بلدانًا لم يسبق لها التعرض لخبرة ترصُّد أنفلونزا الطيور.
كما تجري الدراسات في الوقت الحالي على قدم وساق لاكتشاف أي تغيرات قد تطرأ على الفيروس من شأنها أن تساعد في انتشاره بسهولة أكبر بين الثدييات بما في ذلك بين البشر.
فيروس أنفلونزا الطيور سريع الأنتشار
أوضح كيث فايس، كبير المسؤولين البيطريين في منظمة الأغذية والزراعة، أن السمات الوبائية لفيروس أنفلونزا الطيور (H5N1) تواصل التطور بسرعة كبيرة، وقد أولت منظمة الأغذية والزراعة الانتباه إلى أهمية إلى مواصلة التيقظ وتبادل المتواليات الجينية في الوقت المناسب لرصد السمات الوبائية الجزيئية من أجل تقييم المخاطر وتحسين مكافحة الأمراض.
إيقاف انتشار أنفلونزا الطيور
نظرًا للانتشار الغير مسبوق لفيروس أنفلونزا الطيور(AH5N1) بين الطيور والثدييات، والمخاطر المحتملة المتعلقة بصحة البشر، فإن الشركاء الثلاثة وهم منظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان يحثون البلدان على اتخاذ عدد من الإجراءات والتي تأتي على النحو التالي:
– الوقاية من أنفلونزا الطيور من مصدرها، خصوصًا من خلال تعزيز تدابير الأمن البيولوجي في المزارع وسلاسل قيمة الحيوانات الداجنة، وتطبيق ممارسات النظافة العامة بصورة مناسبة. ويمكن لأعضاء المنظمة العالمية لصحة الحيوان، بالتشاور مع قطاع الدواجن، أن يدرسوا مسألة تطعيم الدواجن كأداة تكميلية لمكافحة الأمراض تستند إلى الترصد السليم وتأخذ في الاعتبار العوامل المحلية مثل سلالات الفيروس الدائرة، وتقييم المخاطر، وشروط تنفيذ التطعيم.
– الكشف السريع عن الفاشيات بين الحيوانات، والتبليغ بها، والاستجابة لها بوصفها خط الدفاع الأول، حيث تُشجَّع البُلدان، عند اكتشاف العدوى بين الحيوانات، على تنفيذ استراتيجيات المكافحة على النحو المبين في معايير المنظمة العالمية لصحة الحيوان.
– تعزيز ترصُّد الأنفلونزا بين الحيوانات والبشر، لإتاحة الاستجابة في وقت مبكر، وينبغي تعزيز الترصُّد القائم على المخاطر بين الحيوانات قبل الفترات التي تزداد فيها المخاطر وفي أثنائها، وإبلاغ المنظمة العالمية لصحة الحيوان بحالات أنفلونزا الطيور في الوقت المناسب.
كما يجب تحديد المتواليات الجينية بشكل دوري للكشف عن أي تغيرات في الفيروسات الموجودة بالفعل في المنطقة أو وفادة فيروسات جديدة.
– تبادل فيروسات الأنفلونزا مع المراكز المتعاونة مع الشبكة العالمية لترصد الأنفلونزا والتصدي لها التابعة للمنظمة والمعنية بالمراجع والبحوث المتعلقة بالأنفلونزا.
– إجراء استقصاءات وبائية وفيروسية حول الفاشيات بين الحيوانات وحالات العدوى بين البشر. وينبغي تعزيز الترصُّد للكشف السريع عن المزيد من الحالات بين الحيوانات والبشر المشتبه فيها، واستقصائها.
– نشر بيانات المتواليات الجينية للفيروسات المأخوذة من البشر أو الحيوانات أو بيئاتهما عبر قواعد بيانات متاحة للجمهور بسرعة، حتى قبل استعراضها من الأقران.
– تشجيع التعاون بين قطاعي صحة الإنسان وصحة الحيوان، لا سيما في مجالات تبادل المعلومات، والتقييم المشترك للمخاطر، والاستجابة لها.
– التواصل بشأن المخاطر. ويشمل ذلك تنبيه العاملين في مجال الرعاية الصحية والأشخاص المعرضين للخطر مهنيًّا وتدريبهم على طرق حماية أنفسهم. كما يلزم إسداء النصح لعامة الناس والعاملين في مجال تربية الحيوانات بتجنب مخالطة الحيوانات المريضة والميتة، وإبلاغ السلطات المعنية بصحة الحيوان بذلك. كما ينبغي نصحهم بالتماس الرعاية الطبية في حالة الشعور بالتوعك وإبلاغ مقدم الرعاية الصحية بأي تعرض للحيوانات.
– ضمان التأهب لجائحة الأنفلونزا على جميع المستويات.
التدابير المطلوبة بشأن البشر لتجنب تفشي إنفلونزا الطيور
وفي البشر، ينبغي إيلاء الأولوية لعدد من النقاط والتي تأتي على النحو التالي:
– ترصد العدوى التنفسية الحادة الوخيمة والاعتلالات الشبيهة بالأنفلونزا.
– الاستعراض الدقيق لأي أنماط وبائية غير عادية.
– التبليغ بحالات العدوى بين البشر بموجب اللوائح الصحية الدولية.
أحدث التعليقات