مصر جميلة
أماكن لها تاريخ.. قصر المريوطية… حكاية ملكية بين نخيل طيبة ونيلها
لا تُعرف الأقصر فقط بمعابدها ومقابرها الفريدة، لكنها أيضًا تضم مجموعة من القصور التاريخية التي ارتبطت بالعائلة المالكة في العصر الحديث. ومن بين هذه المعالم يبرز قصر المريوطية، ذلك القصر الذي جمع بين الرقي الملكي وعبق الصعيد، ليصبح شاهدًا على مرحلة مهمة من تاريخ مصر في القرن التاسع عشر.
يرجع بناء القصر إلى أواخر عهد أسرة محمد علي، حين اختار الحسن باشا طوسون – أحد أمراء الأسرة – أن يُشيّد مقرًا شتويًا يطل على ضفاف النيل في قلب طيبة القديمة. كانت الأقصر آنذاك مقصدًا للنبلاء الأوروبيين والرحالة، فاستلهم الأمير فكرة إنشاء قصر يجمع بين الطراز الريفي المصري وتأثيرات العمارة الأوروبية التي بدأت تنتشر في مصر.
جاء تصميم القصر مميزًا ببساطته وأناقة تفاصيله: أسقف عالية تسمح بالتهوية، شبابيك خشبية مطلّة على النخيل والنيل، وساحات واسعة مُحاطة بحدائق خضراء. وبسبب قربه من جبانة طيبة الغربية أصبح القصر نقطة انطلاق لكثير من البعثات الأثرية في القرن التاسع عشر، بل استضاف عددًا من المستكشفين الأجانب والباحثين الذين أسهموا في كشف آثار مصر الفرعونية للعالم.
كان القصر أيضًا ملتقى لكبار الشخصيات التي زارت الأقصر خلال تلك الفترة، خصوصًا الملوك والأمراء والمسؤولين الذين أرادوا قضاء الشتاء في طقس الأقصر الدافئ. وظلت أهمية القصر قائمة حتى بدايات القرن العشرين، حين بدأت مشاريع العمران الحديثة تحيط به، لكنه احتفظ بطابعه الهادئ وملامحه التاريخية الفريدة.
اليوم يُعد القصر أحد الكنوز المعمارية غير المعروفة على نطاق واسع، لكنه يمثل صفحة مهمة من تاريخ الأقصر الحديث، ويوثق وجود الأميرية الملكية في مدينة لا يغيب عنها الحضور الفرعوني. إن قصر المريوطية ليس فقط مبنى قديمًا، بل هو جسر يربط بين تاريخين: تاريخ العائلة المالكة المصرية، وتاريخ طيبة الخالد الممتد آلاف السنين.


التعليقات