مقالات
محمد أيمن البخارى يكتب: شكراً بصوت الحضارة … المتحف المصري الكبير يعلن عهداً جديداً
هناك لحظات في عمر الأوطان لا تُقاس بالساعات ولا تُختصر في صورٍ عابرة؛ لحظات تُبدِّل ملامح الزمن وتعيد تشكيل وجدان الشعوب. كان افتتاح المتحف المصري الكبير واحدة من تلك اللحظات التي انتصرت فيها مصر لحضارتها، ووقفت شامخة أمام العالم تُعلن—بثقة المملكة التي حافظت على عرشها آلاف السنين—أنها ما زالت هنا… وما زالت قادرة على الإبهار.
احتفال يليق بالأمم الخالدة
لم يكن الافتتاح احتفالًا عاديًا، بل كان عرضًا ملكيًا صاغته العقول المصرية بإتقان الفنان الذي يعرف كيف يمزج الضوء بالظل، والموروث بالحداثة. حضر كبار قادة العالم وشخصيات دولية لامعة، فزادوا المشهد هيبة، ورسموا بحضورهم شهادة اعتراف واضحة: أن مصر تُعيد كتابة سردية الحضارة الإنسانية من جديد.
العروض الفنية، الموسيقى التي بدت وكأنها خارجة من جدران المعابد، الحركة المدروسة التي تحاكي خطوات الأجداد… كل ذلك جعل الحفل لوحة متكاملة كانت فيها الدقة معجزة، والأداء رسالة، واللحظة ذاتها قصيدة تُتلى على مسرح التاريخ.
الفن… لغة مصر التي لا تشيخ
لقد أكّد الافتتاح ما نعلمه جميعًا: أن الفن مرآة المجتمع وروحه. فمن خلاله استطاع المبدعون أن ينقلوا جمال مصر منذ عهد الفراعنة وحتى يومنا هذا، وأن يربطوا الماضي بالحاضر بخيط من ذهب لا ينقطع.
كانت الوجوه المصرية التي شاركت في الاحتفال—من فنانين، وعازفين، ومصممين، ومخرجين—خير دليل على أن مصر حين تُقرر أن تتحدث بالفن… فإن العالم يصمت وينصت.
متحف لا يضم تاريخًا… بل ينهض به
المتحف المصري الكبير ليس مبنى؛ إنه مشروع هوية وركيزة جديدة لقوة مصر الناعمة.
سيجذب هذا الصرح ملايين من عشاق الآثار، وسيعيد رسم خريطة السياحة العالمية، وسيكون بوابة ذهبية تُطل منها مصر على المستقبل بثبات ورؤية.
إنه نقطة التقاء بين العلم والإبداع والاقتصاد، وهدية مصر إلى العالم لتقول لهم: “هنا بدأت الحضارة… وهنا ما زالت تنبض.”
من موكب المومياوات إلى هذا الافتتاح… فصلان من ملحمة واحدة
لا يمكن فصل هذا الإنجاز عن لحظة أخرى هزّت مشاعر العالم: موكب المومياوات الملكية. كان الموكب وعدًا قطعته مصر على نفسها بأن تقدم للعالم شيئًا أكثر بهاءً… وجاء افتتاح المتحف ليكون الوفاء الكامل لذلك الوعد.
فكما عبرت المومياوات شوارع القاهرة في لحظة خالدة، ها هي آثارهم تستقر اليوم في أرحب متحف على الأرض، في مشهد يمزج الاحترام بالخلود.
شكر واجب… واحترام مستحق
لا يكتمل الحديث دون توجيه تحية تقدير لكل من عملوا لسنوات حتى يخرج هذا الصرح بالشكل الذي يليق بمصر.
من الأجهزة الأمنية التي وفّرت حماية دقيقة، إلى فرق التنظيم التي رسمت تفاصيل الاحتفال، إلى مؤسسات الدولة التي تابعت وأشرفت.
ويأتي في المقدمة رئيس الجمهورية الذي آمن بالمشروع، ودعمه، واعتبره واحدًا من أهم هدايا مصر لأجيالها القادمة.
ختامًا…
لم يكن افتتاح المتحف المصري الكبير مجرد حدث؛ كان احتفالًا بعبقرية المكان والإنسان. كان رسالة تقول إن مصر ليست فقط صفحات من التاريخ، بل دولة تصنع تاريخًا جديدًا يقف على كتف حضارة لا تموت.
وها هي مصر—كما أعرفها وكما يعرفها العالم—
كلما فتحت بابًا للمستقبل… أضاءت ألف طريق.
التعليقات