مريم يعقوب تكتب: فن ولا فضايح؟ كيف خطفت السوشيال ميديا هيبة الفنانين

مريم يعقوب تكتب: فن ولا فضايح؟ كيف خطفت السوشيال ميديا هيبة الفنانين

فى‭ ‬زمن‭ ‬بقى‭ ‬فيه‭ ‬صوت‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬صوت‭ ‬القلب،‭ ‬وبقت‭ ‬فيه‭ ‬الضغطة‭ ‬على‭ ‬زر‭ ‬واحد‭ ‬بس‭ ‬فى‭ ‬ثوانى‭ ‬تنشر‭ ‬فرح‭ ‬أو‭ ‬تهدم‭ ‬بيت‭ ‬وكيان‭ ‬كامل‭ ‬لإنسان‭  ‬،‭ ‬حب‭ ‬أو‭ ‬أزمة،‭ ‬نجاح‭ ‬أو‭ ‬فضيحة‭ ‬‮…‬‭ ‬ضاعت‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬حياة‭ ‬الفنان‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬او‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة‭ ‬وحياته‭ ‬جوه‭ ‬بيته‭. ‬الجمهور‭ ‬اللى‭ ‬كان‭ ‬بيستنى‭ ‬عمل‭ ‬جديد‭ ‬يفرح‭ ‬بيه،‭ ‬بقى‭ ‬بيصحى‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬خناقة‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬تلميح‭ ‬مبطّن‭. ‬وبقى‭ ‬الوسط‭ ‬الفنى‭ ‬اللى‭ ‬كان‭ ‬دايمًا‭ ‬مصدر‭ ‬إلهام‭  ‬اصبح‭ ‬مهدد‭ ‬إنه‭ ‬يتحول‭ ‬لساحة‭ ‬ضوضاء‭ ‬بدل‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬مصدر‭ ‬نور‭.‬

وسط‭ ‬الزحمة‭ ‬دى‮…‬‭ ‬كان‭ ‬لازم‭ ‬اقف‭ ‬وأفكر‭ : ‬هل‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬بقت‭ ‬بتخدم‭ ‬الفن؟‭ ‬ولا‭ ‬بقت‭ ‬بتسحب‭ ‬من‭ ‬رصيد‭ ‬الفنان‭ ‬أكتر‭ ‬ما‭ ‬بتضيف‭ ‬ليه‭ ‬؟‭!.‬

السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬بقت‭ ‬جزء‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الفنانين،‭ ‬زى‭ ‬الكاميرا‭ ‬والمايك‭ ‬والبروفات‭. ‬طول‭ ‬الوقت‭ ‬معاهم،‭ ‬وبتنقل‭ ‬للجمهور‭ ‬كل‭ ‬تفاصيلهم‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة‭. ‬إنما‭ ‬للأسف،‭ ‬بدل‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬وسيلة‭ ‬تقرّب‭ ‬الفنان‭ ‬من‭ ‬جمهوره‭ ‬وتعرّف‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬شغله‭ ‬وفنه،‭ ‬بقت‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكتير‭ ‬منهم‭ ‬مسرح‭ ‬كبير‭ ‬لتصفية‭ ‬الحسابات،‭ ‬والتلميحات،‭ ‬والغيرة،‭ ‬والخناقات‭ ‬اللى‭ ‬ملهاش‭ ‬علاقة‭ ‬لا‭ ‬بالفن‭ ‬ولا‭ ‬بالنجومية‭.‬

المفروض‭ .. ‬بالطريقة‭ ‬المهنية‭ ‬إن‭ ‬حسابات‭ ‬الفنانين‭ ‬تكون‭ ‬واجهة‭ ‬لشغلهم‭ ‬بمعنى‭ ‬اصح‭ ‬تكون‭ ‬إعلان‭ ‬عن‭ ‬أعمال‭ ‬جديدة،‭ ‬نظرة‭ ‬للـ”كواليس”،‭ ‬مشاركة‭ ‬إنسانية،‭ ‬أو‭ ‬رسالة‭ ‬لها‭ ‬قيمة‭. ‬لكن‭ ‬اللى‭ ‬حاصل‭ ‬دلوقتي‭ ‬بيقول‭ ‬غير‭ ‬كده‭.‬

السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬بقت‭ ‬زي‭ ‬مكتب‭ ‬“أسوشيتد‭ ‬دراما”‭ ‬مش‭ ‬Associated Media،‭ ‬وكل‭ ‬فنان‭ ‬بيستخدمها‭ ‬على‭ ‬مزاجه‮…‬‭ ‬ساعات‭ ‬لتلميحات‭ ‬مبطّنة،‭ ‬وساعات‭ ‬للرد‭ ‬على‭ ‬زميل،‭ ‬وساعات‭ ‬للإعلان‭ ‬عن‭ ‬خلافات‭ ‬وطلاق‭ ‬واتّهامات‭!‬

لو‭ ‬بصينا‭ ‬حوالينا،‭ ‬هنلاقى‭ ‬إن‭ ‬الخلافات‭ ‬اللى‭ ‬كانت‭ ‬زمان‭ ‬“ورا‭ ‬الكواليس”‭ ‬بقت‭ ‬دلوقتي‭ ‬Trending‭.‬

الخناقة‭ ‬اللى‭ ‬كانت‭ ‬ممكن‭ ‬تتحل‭ ‬فى‭ ‬تليفون‭ ‬أو‭ ‬قعدة‭ ‬هادية،‭ ‬بقت‭ ‬تتحول‭ ‬لـ”ستوري”‭ ‬نار،‭ ‬بعدها‭ ‬“بوست”‭ ‬ملغم‭ ‬،‭ ‬وبعدها‭ ‬مئات‭ ‬التعليقات‭ ‬من‭ ‬جمهور‭ ‬داخل‭ ‬على‭ ‬الخط‭ ‬وبيشعل‭ ‬نار‭ ‬أكبر‭.‬

والنموذج‭ ‬ده‭ ‬شفناه‭ ‬كتير‭:‬

‭ ‬■فنانين‭ ‬بيعملوا‭ ‬إلغاء‭ ‬متابعة‭ ‬لبعض‮…‬‭ ‬بعدها‭ ‬الجمهور‭ ‬يشتعل‭: ‬“إيه‭ ‬اللى‭ ‬حصل؟‭ ‬مين‭ ‬زعل‭ ‬مين؟”‭ ‬

‭ .‬فنانة‭ ‬تنزل‭ ‬بوست‭ ‬غامض‭: ‬“كفاية‭ ‬بقى،‭ ‬الاحترام‭ ‬واجب‭!‬”

■‭ ‬بعد‭ ‬كام‭ ‬ساعة،‭ ‬يرد‭ ‬فنان‭ ‬تانى‭ ‬بـ”ستوري”‭: ‬“اللى‭ ‬عنده‭ ‬حاجة‭ ‬يقولها‭.‬”‭ ‬

■‭ ‬صحف‭ ‬وأخبار‭ ‬ومواقع‭ ‬تدخل‭ ‬على‭ ‬الخط‮…‬‭ ‬والأغنية‭ ‬اللى‭ ‬كانوا‭ ‬لسه‭ ‬معلنين‭ ‬عنها‭ ‬تضيع‭ ‬وسط‭ ‬الضجة‭.‬

ومش‭ ‬بعيد‭ ‬نشوف‭ ‬اتنين‭ ‬ممثلين‭ ‬اتخانقوا‭ ‬بسبب‭ ‬دور،‭ ‬أو‭ ‬مطرب‭ ‬وموزّع‭ ‬اختلفوا‭ ‬على‭ ‬نسبة،‭ ‬فتلاقى‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬فيهم‭ ‬خارج‭ ‬يلمّح،‭ ‬والجمهور‭ ‬يحوّل‭ ‬الموضوع‭ ‬للعامة‭! ‬

ناهيكم‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية‭ ‬اللى‭ ‬بقت‭ ‬على‭ ‬المشاع‭.‬

بدل‭ ‬ما‭ ‬الفنانين‭ ‬يحافظوا‭ ‬على‭ ‬خصوصيتهم،‭ ‬بقينا‭ ‬نشوف‭:‬

■‭ ‬إعلان‭ ‬طلاق‭ ‬على‭ ‬“ستوري”‭.‬

■‭ ‬رجوع‭ ‬بعد‭ ‬كام‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬“لايف”‭.‬

■‭ ‬بوست‭ ‬طويل‭ ‬عن‭ ‬“الجرح‭ ‬والخيانة”‭.‬

■‭ ‬وبعدها‭ ‬بساعات‮…‬‭ ‬أغنية‭ ‬جديدة‭ ‬عن‭ ‬الفراق‭!‬

الموضوع‭ ‬بقى‭ ‬شبه‭ ‬مسلسل،‭ ‬بس‭ ‬الفرق‭ ‬إن‭ ‬ده‭ ‬مش‭ ‬فن‮…‬‭ ‬ده‭ ‬حياة‭ ‬ناس‭ ‬بقت‭ ‬مادة‭ ‬للتريند‭.‬

محدش‭ ‬واخد‭ ‬باله‭ ‬ان‭ ‬اللى‭ ‬بيحصل‭ ‬ده‭ ‬مش‭ ‬بس‭ ‬بيشوّه‭ ‬صورة‭ ‬الفنان،‭ ‬ده‭ ‬كمان‭ ‬بيسحب‭ ‬من‭ ‬رصيده‭ ‬عند‭ ‬الجمهور‭.‬

الجمهور‭ ‬بدأ‭ ‬يتابع‭ ‬الفنان‭ ‬مش‭ ‬علشان‭ ‬شغله‮…‬‭ ‬لا،‭ ‬بقا‭ ‬علشان‭ ‬يشوف‭ ‬آخر‭ ‬خناقة،‭ ‬آخر‭ ‬تلميحة،‭ ‬آخر‭ ‬رد‭ ‬ناري‭.‬

وده‭ ‬فى‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬كارثة‮…‬‭ ‬لأن‭ ‬الفنان‭ ‬اللى‭ ‬يسيب‭ ‬حياته‭ ‬الخاصة‭ ‬تسبق‭ ‬فنه،‭ ‬عمر‭ ‬فنه‭ ‬ما‭ ‬هيظهر،‭ ‬ولا‭ ‬هياخد‭ ‬قيمته‭ ‬الطبيعية‭.‬

من‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬اذكر‭ ‬أسماء‭ ‬وده‭ ‬احترامًا‭ ‬للمكانة‭ ‬الفنية‭ ‬وقيمة‭ ‬الفن‭ ‬وولعى‭ ‬بيه‭ ‬بل‭ ‬وإيمانا‭ ‬منى‭ ‬انه‭ ‬مرآة‭ ‬المجتمع‭ ..‬الأمثلة‭ ‬موجودة‭ ‬فى‭ ‬ذاكرة‭ ‬الناس‭:‬

■‭ ‬خناقة‭ ‬مطرب‭ ‬مع‭ ‬مطرب‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬أغنية،‭ ‬وتحولت‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬لساحة‭ ‬هجوم‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭.‬

■‭ ‬زوجين‭ ‬من‭ ‬الوسط‭ ‬الفنى‭ ‬أعلنوا‭ ‬الطلاق‭ ‬فى‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬على‭ ‬“ستوري”،‭ ‬وبعدها‭ ‬بيومين‭ ‬رجعوا‭ ‬لبعض‭ ‬برضه‭ ‬على‭ ‬“ستوري”‭!‬

■‭ ‬ممثلة‭ ‬شهيرة‭ ‬عملت‭ ‬“Unfollow”‭ ‬لزميلتها،‭ ‬فالجمهور‭ ‬قرر‭ ‬إن‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬تالتة،‭ ‬واتفتحت‭ ‬نار‭ ‬الشائعات‭.‬

■‭ ‬ممثل‭ ‬ومخرج‭ ‬اختلفوا‭ ‬على‭ ‬مشهد،‭ ‬فبقينا‭ ‬نشوف‭ ‬“بوستات”‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬بيبرر‭ ‬نفسه‭ ‬قدام‭ ‬الجمهور‭ ‬بدل‭ ‬ما‭ ‬يحلوا‭ ‬الموضوع‭ ‬بينهم‭.‬

لكن‭ ‬وسط‭ ‬كل‭ ‬ده‮…‬‭ ‬لسه‭ ‬فى‭ ‬نماذج‭ ‬مضيئة

رغم‭ ‬الفوضى،‭ ‬فى‭ ‬نجوم‭ ‬بيستخدموا‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬بطريقة‭ ‬محترمة‭:‬

■‭ ‬بيقدموا‭ ‬محتوى‭ ‬ثقافى‭ ‬أو‭ ‬إنساني‭.‬

■‭ ‬بيشاركوا‭ ‬الجمهور‭ ‬بكواليس‭ ‬الشغل‭ ‬مش‭ ‬كواليس‭ ‬البيت‭.‬

■‭ ‬بيحافظوا‭ ‬على‭ ‬هيبتهم‭ ‬ومكانتهم،‭ ‬ومش‭ ‬بيسمحوا‭ ‬إن‭ ‬حياتهم‭ ‬تتباع‭ ‬وتشترى‭ ‬على‭ ‬“الترند”‭ ‬

الخلاصة‭ -‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬سلاح‭ ‬خطير‮…‬

يا‭ ‬إما‭ ‬الفنان‭ ‬يستخدمه‭ ‬صح‭ ‬فيزود‭ ‬قيمته‭ ‬ونجوميته،يا‭ ‬إما‭ ‬يستخدمه‭ ‬غلط‮…‬‭ ‬فيخسر‭ ‬رصيده‭ ‬وتاريخه‭ ‬قدام‭ ‬الناس‭.‬

والنجومية‭ ‬مش‭ ‬بس‭ ‬أضواء‭ ‬وكاميرات‮…‬‭ ‬النجومية‭ ‬كمان‭ ‬وعي‭ ‬ونضج‭ ‬وطريقة‭ ‬إدارة‭ ‬صورة‭ ‬الفنان‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬كله‭ ‬مفتوح‭ ‬على‭ ‬بعضه‭ ‬وكله‭ ‬على‭ ‬كله‭ ‬

الفن‭ ‬يستحق‭ ‬إن‭ ‬الفنان‭ ‬يخليه‭ ‬فى‭ ‬المقدمة‮…‬‭ ‬مش‭ ‬التلميحات،‭ ‬ولا‭ ‬الخناقات،‭ ‬ولا‭ ‬الدراما‭ ‬الزيادة

فى‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬مش‭ ‬هي‭ ‬اللى‭ ‬بتصنع‭ ‬فنان‮…‬

اللى‭ ‬بيصنع‭ ‬الفنان‭ ‬هو‭ ‬“فنه”،‭ ‬“وعيه”،‭ ‬و“قدرته‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬صورته”‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬مفيهوش‭ ‬مساحة‭ ‬للغلط‭.‬

ولو‭ ‬كان‭ ‬لكل‭ ‬عصر‭ ‬أدواته‮…‬‭ ‬فالعصر‭ ‬ده‭ ‬أداة‭ ‬قوته‭ ‬هى‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭.‬

لكن‭ ‬اللى‭ ‬بيفضل‭ ‬مستمر‭ ‬وموجود‭ ‬مش‭ ‬“بوست”،‭ ‬ولا‭ ‬“ستوري”،‭ ‬ولا‭ ‬“تريند”‮…‬

اللى‭ ‬بيفضل‭ ‬هو‭ ‬العمل‭ ‬اللى‭ ‬بيجمع‭ ‬الناس‭ ‬حوالين‭ ‬الفنان‭ ‬احترامًا‭ ‬مش‭ ‬فضولًا‭ ‬

السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬ممكن‭ ‬ترفع‭ ‬الفنان‭ ‬للسما‮…‬

وممكن‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬توقعه‭ ‬للأرض‭.‬

والفنان‭ ‬الحقيقى‭ ‬هو‭ ‬اللى‭ ‬يعرف‭ ‬إمتى‭ ‬يتكلم‮…‬‭ ‬وإمتى‭ ‬يسكت‮…‬‭ ‬وإمتى‭ ‬يخلى‭ ‬الفن‭ ‬هو‭ ‬الرد‭ ‬الوحيد‭ ‬اللى‭ ‬يستحق‭ ‬ان‭ ‬يسمعه‭ ‬الجمهور‭ .‬

Share:
img
الكاتب

مريم يعقوب

التعليقات

أضف تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مميزة بعلامة *