محمد أيمن البخاري يكتب: خيوط من حرير ( الجزء الثانى).. سقوط إعلامية مزيفة: سارة خليفة من برامج الهوا إلى الاتجار في "المخدرات"

محمد أيمن البخاري يكتب: خيوط من حرير ( الجزء الثانى).. سقوط إعلامية مزيفة: سارة خليفة من برامج الهوا إلى الاتجار في "المخدرات"

بقلم: كاتب صحفي غاضب على مهنته


في زمن أصبحت فيه الشاشة متاحة لمن يدفع، لا لمن يستحق، تأتينا فضيحة سارة خليفة لتكشف عن حجم التدهور الذي أصاب مهنة الإعلام. امرأة وُصفت مرارًا وتكرارًا بـ”الإعلامية”، رغم أن لا مؤهلها يؤهلها، ولا خبرتها تبرر لقبها، ومع ذلك، وجدت لنفسها مساحة على الشاشة، وتحولت إلى اسم تتداوله الصحف، لا بسبب تأثيرها الإعلامي، ولكن بسبب فضائحها المتكررة… وآخرها الأخطر: اتهامها رسميًا بالاتجار في المخدرات.

سارة خليفة لم تطرق أبواب الإعلام كأبناء المهنة الحقيقيين. لم تتخرج من كلية إعلام، ولم تمر على شاشات ماسبيرو، أو تعمل كمراسلة تثقلها الشوارع، أو تتدرج في بلاط صاحبة الجلالة. بل جاءت من الخلفية الأضعف: شهادة ابتدائية، وأموال كافية لشراء وقت على إحدى القنوات، لتقدم برنامجًا هزيلًا لم يُعرف له هدف ولا جمهور.

لكن العجيب أن بعض القنوات سمحت لها بالظهور، بل وروّجت لها كمذيعة وإعلامية، فقط لأنها دفعت. وهنا تبدأ مأساة الإعلام الحقيقي… حين يُستبدل المحتوى بالمال، وتُباع الشاشة لمن يشتريها.

لم تتوقف سارة عند حدود الظهور غير المهني، بل سرعان ما تحولت إلى شخصية مثيرة للجدل على السوشيال ميديا، ثم على صفحات الحوادث. من صراع مع لاعب الكرة الشهير “كهربا” في قضايا شخصية، إلى إنتاج حفلات ومهرجانات مشبوهة في الخليج، بدأت الشكوك تحوم حولها. لم تُعرف بقضية رأي عام واحدة، لم تفتح ملفًا إعلاميًا حقيقيًا، كل ما قدمته كان مجرد ترويج للسطحية والشهرة المصطنعة.

وفي يوم 20 أبريل 2025، سقط القناع تمامًا.

قوات الأمن داهمت شقتها في حي راقٍ بالقاهرة، وتم ضبط كميات كبيرة من الحبوب المخدرة، إلى جانب مبالغ مالية ضخمة، وأدوات تعبئة وتوزيع. التحقيقات كشفت أنها متهمة بالاتجار في المخدرات، بل وتصنيعها، داخل شقتها، التي تحولت من “استوديو إعلامي” – كما كانت تسميه – إلى مخزن مخدرات.

النيابة العامة أمرت بحبسها 4 أيام على ذمة التحقيق، وسط صدمة إعلامية من نوع مختلف: صدمة كيف تم السماح لها بتمثيل الإعلام أصلًا؟

المشكلة أعمق من شخص

سارة خليفة ليست مجرد حالة فردية، بل عرض لمرض مستفحل في جسد الإعلام العربي. مرض اسمه “الإعلام المدفوع”. فمع انتشار القنوات الخاصة، أصبحت الشاشات سلعة، تُباع لمن يملك، وليس لمن يفكر أو يضيف.

والمؤسف أن كثيرًا من القنوات، تحت ضغط الإعلانات والتمويل، تغض الطرف عن الكفاءة، وتفتح المجال لكل من يملك الثمن، دون النظر إلى التأثير الكارثي لذلك على المجتمع والمهنة.

المطلوب الآن: وقفة حقيقية

ما حدث مع سارة خليفة يجب ألا يُختزل في مجرد فضيحة عابرة. بل يجب أن يُنظر إليه كناقوس خطر يدق بعنف.

لا بد من إعادة النظر في آليات منح الألقاب الإعلامية، وتشديد الرقابة على من يظهر على الشاشات، والعودة لاحترام المهنة، ومَن يمارسها عن جدارة، لا مَن يشتريها بالمال.

الإعلام سلطة، ورسالة، ومسئولية.

وحين يُترك في يد غير أهله، فلا عجب أن نرى من يمتهن الإعلام نهارًا، ويتاجر في المخدرات ليلًا

الى متى سنظل نوزع الألقاب دون اى اعتبارات 

ان الهبوط إلى منحدر خطير بالاخلاقيات هو هبوط قادر على تدمير أجيال، بل والقضاء على البقية المتبقية منا. فقد اختفت من حياتنا قيم كثيرة كنا نتميز بها عن غيرنا من المجتمعات الأخرى، مثل التربية السليمة، والرجوع إلى أصول ديننا الحنيف  ولا يسعنى فى نهاية حديثى هذا إلا أن أدعو لأبنائنا وبناتنا وجميع مجتمعنا بالسلامة من شر هذا الطوفان الساحق. ولكن يبقى الأمل موجودًا عبر شاشات الحياة لأن الاشياء ليست كلها سلبية ولكن هناك خيوط من حرير نراها عبر الافق.


          محمد أيمن البخارى

Share:

التعليقات

أضف تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مميزة بعلامة *