مريم يعقوب تكتب: رحلت الإعلامية بنت الذوات

مريم يعقوب تكتب: رحلت الإعلامية بنت الذوات

رحلت‭ ‬عن‭ ‬عالمنا‭ ‬صباح‭ ‬اليوم‭ ‬الخميس‭ ‬الموافق‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬لعام‭ ‬‮٢٠٢٥‬‭ ‬أيقونة‭ ‬الإعلام‭ ‬المرئى‭ ‬وصائدة‭ ‬النجوم‭ ‬والمشاهير‭ ‬الإعلامية‭ ‬ليلى‭ ‬رستم‭ ‬،‭ ‬رحلت‭ ‬صاحبة‭ ‬الغرفة‭ ‬المضيئة‭ ‬التى‭ ‬اضاءت‭ ‬سماء‭ ‬الإعلام‭ ‬وسماء‭ ‬ماسبيرو‭ ‬بأجمل‭ ‬البرامج‭ ‬بل‭ ‬وأنجحها‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬،،‭ ‬رحلت‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تودعنا‭ ‬أو‭ ‬تواسينا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أصابنا‭ ‬من‭ ‬تشويه‭ ‬وتلويث‭ ‬وإنحدار‭ ‬إعلامى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأصعدة‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربى‭ ‬،‭ ‬رحلت‭ ‬الإعلامية‭ ‬القديرة‭ ‬المصرية‭ ‬‮«‬‭ ‬ليلى‭ ‬رستم‭ ‬‮»‬‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬يناهز‭ ‬‮٨٧‬‭ ‬عامًا‭.‬
تلألأت‭ ‬الإعلامية‭ ‬الراحلة‭ ‬ليلى‭ ‬رستم‭ ‬فى‭ ‬سماء‭ ‬الإعلام‭ ‬المصرى‭ ‬بعد‭ ‬انطلاق‭ ‬البث‭ ‬التلفزيونى‭ ‬المصرى‭ ‬مباشرة،،‭ ‬حيث‭ ‬بدأت‭ ‬مسيرتها‭ ‬الإعلامية‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٦٠‬‭ ‬كمذيعة‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬وتميزت‭ ‬بملامحها‭ ‬التركية‭ ‬وباروكتها‭ ‬الراقية‭ ‬وامتلاكها‭ ‬درجة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬والثقافة‭ ‬وحسن‭ ‬التعبير‭ ‬والتمكن‭ ‬من‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬أدائها‭ ‬،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الإعلاميات‭ ‬اللواتى‭ ‬ولدن‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ماسبيرو،‭ ‬بدأت‭ ‬كمذيعة‭ ‬ربط‭ ‬وقارئة‭ ‬للنشرة‭ ‬الفرنسية،‭ ‬ثم‭ ‬قدّمت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬تركت‭ ‬بصمة‭ ‬كبيرة،‭ ‬استطاعت‭ ‬رستم‭ ‬بمنتهى‭ ‬الإحترافية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬التحديات‭ ‬التى‭ ‬واجهتها‭ ‬ان‭ ‬تحفر‭ ‬مسيرتها‭ ‬الإعلامية‭ ‬بأهم‭ ‬المشاهد‭ ‬الثقافية‭ ‬والفنية‭ ‬فقد‭ ‬أثرت‭ ‬التلفزيون‭ ‬بأقوى‭ ‬البرامج‭ ‬وسميت‭ ‬بصائدة‭ ‬المشاهير‭ ‬بسبب‭ ‬توظيفها‭ ‬لكل‭ ‬الامكانات‭ ‬التى‭ ‬ساعدتها‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بأفضل‭ ‬الحوارات‭ ‬مع‭ ‬المشاهير‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬تتمتع‭ ‬برصيد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الثقافة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬واداء‭ ‬إحترافى‭ ‬واسئلة‭ ‬ونقاشات‭ ‬مثيرة‭ ‬للاهتمام‭ ‬ومن‭ ‬اهم‭ ‬ماقدمته‭ ‬ولقى‭ ‬نجاح‭ ‬كبير‭ ‬لدى‭ ‬الجمهور‭.‬
البرنامج‭ ‬الإسبوعى‭ ‬‮«‬نافذة‭ ‬على‭ ‬العالم‮»‬‭ ‬والذى‭ ‬كان‭ ‬راصدآ‭ ‬لأهم‭ ‬الأحداث‭ ‬العالمية‭ ‬،،‭ ‬‮«‬الغرفة‭ ‬المضيئة‮»‬‭ ‬والذى‭ ‬تناول‭ ‬أبرز‭ ‬الأحداث‭ ‬المحلية‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬إعداد‭ ‬الكاتب‭ ‬الصحفى‭ ‬مفيد‭ ‬فوزي‭ ‬،،‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬نجمك‭ ‬المفضل‮»‬‭ ‬والذى‭ ‬استضافت‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬كبار‭ ‬الشخصيات‭ ‬الفنية‭ ‬والغنائية‭ ‬مثل‭ ‬الموسيقار‭ ‬محمد‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب،‭ ‬الفنانة‭ ‬فاتن‭ ‬حمامة،‭ ‬الفنان‭ ‬أحمد‭ ‬رمزى‭ ‬والأديب‭ ‬الكبير‭ ‬طه‭ ‬حسين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬شخصيات‭ ‬عالمية‭ ‬مثل‭ ‬الملاكم‭ ‬العالمى‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬كلاي‭.‬
كانت‭ ‬ليلى‭ ‬رستم‭ ‬رمزًا‭ ‬للإعلام‭ ‬الرصين‭ ‬والحوار‭ ‬الراقي‭ ‬والذى‭ ‬افتقدناه‭ ‬كثيرآ‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬وعانينا‭ ‬ما‭ ‬عانيناه‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬وانحدار‭ ‬إعلامى‭ ‬ذهب‭ ‬بنا‭ ‬الى‭ ‬جحيم‭ ‬الإعلام‭ ‬الموجه‭ ‬إعلام‭ ‬المصالح‭ ‬والتريند‭ ‬على‭ ‬خساب‭ ‬اسرار‭ ‬البيوت‭ ‬المصرية‭ ‬والخوض‭ ‬فى‭ ‬أعراض‭ ‬البشر‭ ‬والفبركة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المشاهدات‭ ‬الزائفة‭ ‬وأصبح‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هب‭ ‬ودب‭ ‬يطلق‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬إعلامى‭ ‬وإعلامية‭ ‬وهم‭ ‬أبعد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬عن‭ ‬ميثاق‭ ‬الشرف‭ ‬الإعلامى‭.‬
رحلت‭ ‬سيدة‭ ‬الشاشة‭ ‬الصغيرة‭ ‬ليلي‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬محمود‭ ‬رستم‭ ‬الشهيرة‭ ‬ب‭ ‬ليلي‭ ‬رستم‭ ‬ورحل‭ ‬معها‭ ‬الكتالوج‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬لكل‭ ‬إعلامية‭ ‬ان‭ ‬تكونه‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬ولباقة‭ ‬وذكاء‭ ‬ومهارة‭ ‬وخلق‭ ‬وإحترام‭.‬
فقد‭ ‬كانت‭ ‬النموذج‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬يستمر‭ ‬علي‭ ‬الشاشة‭ ‬الصغيرة‭ ‬،،‭ ‬رحلت‭ ‬ليلي‭ ‬رستم‭ ‬التي‭ ‬أضاءت‭ ‬شاشة‭ ‬التليفزيون‭ ‬بإحترام‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نراه‭ ‬ووعي‭ ‬خرج‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬وحضور‭ ‬اصبح‭ ‬غائبآ‭ ‬وثقافة‭ ‬نتعطش‭ ‬لرؤيتها‭ ‬على‭ ‬الشاشة
فقد‭ ‬كان‭ ‬للإعلام‭ ‬فى‭ ‬السابق‭ ‬اسس‭ ‬وقواعد‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يمتهن‭ ‬تلك‭ ‬المهنة‭ ‬ان‭ ‬يتحلى‭ ‬بها‭ ‬مثل‭ ‬الإلمام‭ ‬بكل‭ ‬المعارف‭ ‬والثقافات‭ ‬الأخرى‭ ‬خاصة‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬ومخارج‭ ‬الألفاظ‭ ‬والمعرفة‭ ‬التامة‭ ‬بالنحو‭ ‬والصرف‭.‬
كما‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬اهتمام‭ ‬خاص‭ ‬بالمظهر‭ ‬العام‭ ‬للمذيعة‭ ‬وهذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬أساسيات‭ ‬القبول،،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المذيعات‭ ‬كانت‭ ‬تخضعن‭ ‬للاختبارات‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬تظهر‭ ‬مدى‭ ‬إلمامهن‭ ‬بالمعلومات‭ ‬والثقافة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وكيفية‭ ‬إدارتهن‭ ‬للحوار‭ ‬بموضوعية‭ ‬ودون‭ ‬إظهار‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهن‭ ‬أو‭ ‬رأيهن‭ ‬والتحدث‭ ‬بطلاقة‭.‬
وأيضًا‭ ‬يتم‭ ‬التقييم‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬أخلاقهن‭ ‬ومدى‭ ‬تحملهن‭ ‬لضغوط‭ ‬العمل،‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬فوجئن‭ ‬بموقف‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬سريع‭ ‬فيه‭.‬
والسؤال‭ ‬هنا‭ ‬أين‭ ‬وظيفة‭ ‬مراقب‭ ‬السهرة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬مهمته‭ ‬هى‭ ‬تقييم‭ ‬المذيعات‭ ‬وتحديد‭ ‬مستواههن‭ ‬وكتابة‭ ‬تقارير‭ ‬هدفها‭ ‬إصلاح‭ ‬الأخطاء‭ ‬إذا‭ ‬وجدت‭ ‬؟‭!‬
بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مكانتهن‭ ‬وشهادتهن‭ ‬التعليمية‭ ‬وتمتعهن‭ ‬بآتقان‭ ‬لغة‭ ‬أجنبية‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬إثنين‭ ‬وخاصة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬والفرنسية‭.‬
أين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وذاك؟‭!‬
قد‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬صحوة‭ ‬كبيرة‭ ‬تعيد‭ ‬لنا‭ ‬ولو‭ ‬جزء‭ ‬بسيط‭ ‬من‭ ‬احترافية‭ ‬اعلاميات‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل
رحم‭ ‬الله‭ ‬الإعلامية‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬وسوف‭ ‬تظل‭ ‬بنت‭ ‬الذوات
ولدت‭ ‬المذيعة‭ ‬ليلى‭ ‬رستم‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٣٧‬‭ ‬بالقاهرة،‭ ‬والدها‭ ‬هو‭ ‬المهندس‭ ‬عبد‭ ‬الحميد‭ ‬رستم‭ ‬الشقيق‭ ‬الأصغر‭ ‬للفنان‭ ‬العبقرى‭ ‬الراحل‭ ‬زكي‭ ‬رستم،‭ ‬درست‭ ‬بمدرسة‭ ‬الراهبات‭ ‬ومنها‭ ‬الى‭ ‬الدراسة‭ ‬بقسم‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ثم‭ ‬الماجستير‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬نورث‭ ‬وستون‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ .‬

Share:
img
الكاتب

مريم يعقوب

التعليقات

أضف تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مميزة بعلامة *