يبدو أن الإنسانية فى زمن المصالح الذى نعيش فيه قد فقدت مكانتها وأصبحت قيمة غير مرغوبة، فالإنسان يسعى اليوم لتحقيق مصالحه الشخصية والفردية دون النظر إلى ما يحيط به من اعتبارات نفسية أو اجتماعية أو أسرية.
وتناسى الجميع أن الإنسانية هى القيمة الأساسية التي يجب أن نتمسك بها في هذا الزمن، فهى القيمة التى تجعلنا نعيش بشكل أفضل وإيجابى ونتعامل مع الآخرين برحمة، لكن أين ذهب العطاء وذهبت الرحمة والإحساس بالبشر فى الأوقات الصعبة، أين الاحترام والتقدير على النحو الذي يستحقه من حولك والتعامل بأسلوب حضارى ومتعاطف؟؟
إن الإنسانية ليست مجرد كلمة، بل أسلوب حياة يجب علينا اتباعه فى كل ما نقوم به. ولنحقق ذلك، يجب علينا أن نتعلم التعامل مع الآخرين بحسن نية، ونحرص على تحقيق المصالح العامة قبل المصالح الشخصية، وأن نتذكر أننا جميعًا نعيش على هذه الأرض ونحتاج بعضنا إلى بعض، ولكن ما يحدث الآن فى عصر المصالح والمادة هو اغتيال نفسى ومعنوى لقيمة الإنسان على كل المستويات.
إن الرجل الذي يستحق صفة الرجولة، سواء كان زوجًا أو أبًا أو أخًا أو صديقًا، يحمل على عاتقه مسئوليات تفوق تحمل البشر فى سباق من قسوة المادة ومحاولات توفير الرعاية المالية والمعيشية.
أصبح الإنسان يتحمل مسئولية توفير الدخل الكافى لتلبية احتياجات الأسرة المالية والمعيشية، وتوفير سكن مناسب وطعام وملابس وأقساط مدارس ومصاريف تعليم وإيجار وأى احتياجات أخرى، بجانب الحفاظ على الأمن والاستقرار العائلى من خلال توفير بيئة آمنة ومستقرة للعائلة وحمايتها من أي خطر يمكن أن يواجهها، بالإضافة إلى الإشراف على تربية الأبناء وتعليمهم القيم والمبادئ.
ووسط كل هذا وذاك، يشعر الرجل بالسعادة عندما يرى نتيجة كفاحه وتعبه فى تحسين المستوى الاجتماعى لأسرته، بل عائلته من إخوة وأخوات وأبوين مسنين،
وبعد كل هذا يجد الرجل نفسه حائرًا أمام سؤال واحد فقط وهو:
متى يشعر به الآخرون وسط كل هذا الكبد والكفاح؟! أم أنه سوف يظل هكذا وكأنه حق مكتسب؟!
لا أعلم إلى متى، ولكننى أعلم أنه سوف يظل يكافح ويدور فى سباق زمن المصالح والمادة مدى حياته حتى تنقطع أنفاسه ويكتشف ببساطة أنه ضيع عمره هباء، بل إنه نسى أهم شىء على الإطلاق، نسى أن يعيش وأن معادن البشر تظهر تباعًا، وأن المواقف هى عين الحقيقة، فالزوج عند مرض زوجته والزوجة عند فقر زوجها والصديق عند الشدة والأبناء عند كبر والديهم والإخوة عند الميراث، والحب الحقيقى سوف يظهر عند انتهاء المصلحة، والاسم فقط إنسان ولكنه إنسان مع إيقاف التنفيذ.
وفى نهاية حديثى هذا أيها القارئ المحترم سوف يبقى الأمل موجودًا عبر شاشات الحياة، وأن هناك خيوطًا من حرير نراها عبر الأفق.
أحدث التعليقات