الفوضى تعني الخلل الذي لابد من معالجته.. الفوضى المقصودة هي علاقة المواطن بالمواطن أخيه.. تلك العلاقة التي فقدت محتواها ومعناها الذي عشناه تلك الأزمنة الفائتة.
الفوضى أيضا فيما يحدث من سلبيات في الشارع المصري وسوء التفاهم والعنجهية والمصادمات والألفاظ وأشياء كثيرة لم يعتاد عليها الإنسان المصري الذي تربى على الفضيلة وحسن الخلق والطيبة والتسامح.. ماذا يحدث بالله عليكم؟.. وما الذي تغير؟.. وما هذه الأساليب الدخيلة على مجتمع متحضر صاحب الحضارات والتاريخ المشرف على المستوى السياسي والفكري والثقافي والفني والاجتماعي…!!
إنها أزمة القيم التي تعد من السمات الواضحة في العصر الحاضر، نتيجة لطغيان المادة على ما حولها من قيم ومبادئ، فالتقدم الباهر الذي وصل إليه الإنسان لم يحقق له التوازن النفسي الذي يبتغيه، بل إنه ساعد على اهتزاز القيم وضحالتها بداخله فأصبح كل ما يهمه المادة فحسب، فهو لا يرى إلا ذاته ولا يسمع إلا صوته ونتيجة لهذا ضعفت القيم التي تحافظ على الترابط الاجتماعي.
مما أدى إلى تفشي مشاكل اجتماعية كثيرة مثل الانحراف وتعاطي للمخدرات بكل أنواعها، وتفكك الأسر نتيجة الطلاق والأمية والبطالة وطغيان أسلوب العنف، ومشاكل أخرى كالتشرد والتسول والعدوانية والفردانية لأن الأفراد أصبحوا لا يهتمون إلا بما يخدم مصالحهم الشخصية.
ما يحدث هو حالة سلبية جدًا لا تحتاج للصمت بل تحتاج للتقويم والتقييم للخروج من هذا المنعطف السلبي الذي نحذر من استمراره مع وجود جيل جديد يستخدم ألفاظًا غريبة ودخيلة ومزعجة في حواراته مع الآخرين.
إن الأمر قد تفحل وتوغل كثيرا وعلى الدولة الاهتمام بالأمر لأنه شخصية الوطن في أبنائه الذي فقد معظمهم الانتماء والشعور بالطمأنينة.
وبالتالي أصبحت الحاجة ماسة إلى التربية على القيم والمبادئ الأساسية التي تنظم العلاقات الانسانية بين الأفراد، وهذا الهدف الأسمى لن يتحقق إلا باعتماد فلسفة تربوية تقوم على برامج ومناهج حية تستهدف ترسيخ قيم المواطنة والسلوك المدني وقيم حقوق الانسان، يكون لها آثار إيجابية على الفرد والمجتمع.
وعلى الجهات المعنية النزول للشارع المصري لسد هذه الفراغات والعكوسات وهذا الزحام الشديد الذي لا ينتهي وهذا الاختناق المزمن في أهم ميادين القاهرة، كل هذا يحتاج إلى الانضباط الشديد لكي يعود وجه القاهرة للإشراق بدلًا من هذا العنف الذي يصيب بالملل والزهق.
النقطة الأخرى والأهم لابد من التوجيه بإعادة صيغة الحياة على كافة المستويات للخروج من هذه الفوضى التي سادت بتوحش داخل المجتمع.
إنها الدعوة الأصيلة لعودة الحياة وإحساس المواطن بأنه يرى من جديد خيوط من حرير