محمود خطاب يكتب:

تعرف الشائعة بأنها عبارة عن خبر أو قصة غير رسمية، مثيرة للاهتمام، قد تكون صحيحة أو مخترعة، إذ يتم انتشارها في أغلب الحالات بسرعة كبيرة من شخص لآخر، حيث يصعب على الناس في بعض الأحيان التفريق بين الشائعات والحقائق بسهولة؛ وذلك لأن الشائعات بطبيعتها تحتوي على تفاصيل تؤثر على عواطف الناس وتغير من حالتهم المزاجية، مما يؤدي إلى تسببها بالكثير من الآثار السلبية.

انتشار الشائعات، بوابة لظهور شخصيات غير موثوقة على صعيد الإعلام أو في الحياة الواقعية، يعملون على مبدأ الاستفادة من الأزمات وتوظيفها لخدمة مصالحهم الضيقة، مدعين أنهم مقربون من أصحاب القرار وصنّاعه، دون أدنى معرفة أو علم بالشيء الذي يتحدثون عنه، كما يعمل تجار الحروب من خلال إثارة الشائعات، و إثارة البلبلة على الصعيد المجتمعي والاقتصادي، مما يترتب عليه انقسام المجتمع والتأثير عليه سلبًا، بالاعتماد على عاطفة طبقات معينة من المجتمع، تهتم بالمعلومة وليس بمصدرها.

وهى تؤثر على عقلية المجتمع بشكل مباشر وفى نفسيتهم، وذلك بخطوات بطيئة وثابتة مما يصيب الأفراد بنوع من الإحباط يظهر في إنتاجيتهم بشكل مباشر ومتباطئ، وعندما يصبح لدينا تباطؤ في النمو تصبح لدينا مشكلة واضحة في دورة الاقتصاد الداخلي وعجزه، ليصبح بالوقت اقتصادًا غير جذاب للقطاع الأجنبي.

باتت هذه الظاهرة أشبه بحقل ألغام، إذ تنقل المعلومات المضللة بسرعة هائلة، مما يستوجب تدريب القائمين على غرف الأخبار على استخدام أدوات التحقق وتنقية المعلومات الواردة، بما يضمن عدم تشويه الحقائق، وتجنُّب انتشار المعلومات المرئية الخطأ والمضللة، وعدم التورُّط في تضخيم المعلومات الواردة من مصادر مجهولة.

وكمثال ما حدث عندما اجتاحت الفيضانات المدمرة ولاية «كوينزلاند» الأسترالية في أوائل عام 2019، إذ نشر الناس صورًا لتماسيح مزعومة تتجول في شوارع المناطق المتضررة بالولاية، وبالتحقق، اتضح أن الصور تعود إلى عام 2014 وتصور تمساحًا في ولاية فلوريدا الأمريكية.

وفي الولايات المتحدة ، جرى نشر مقطع فيديو في سبتمبر 2019، بزعم أنه مشاهد من «إعصار دوريان» أثناء تهديده لجزر البهاما، وأوضحت أدوات التحقق أنه كان مقطعًا مركبًا من صورتين، إحداهما لعاصفة رعدية تعرَّضت لها ولاية «كانساس»، والأخرى لعاصفة تعرضت لها مدينة «ميامي بيتش»، وتمت عملية «فبركة» المقطع الذي حصل على 4.4 مليون مشاهدة.

إن المعلومات المضلِّلة وإثارة الشائعات لا تسعى -بالضرورة- إلى إقناع الجمهور بأنها تقدم محتوى صحيحًا، وأن الهدف منها ربما يكون الرغبة في التشويش على قضية يعتقد الناس أنها مهمة، أو تعكير المياه المعلوماتية من أجل إضعاف وجهات النظر المعرفية، أو توجيه الجمهور إلى خيارات محددة.

إن شركات التواصل الاجتماعي الكبرى لا تبذل ما يجب بذله من جهد للتحقق من المعلومات التي يتم بثها منعًا لانتشار الشائعات؛ فذلك من شأنه تقليل الإثارة والمتابعين والمكاسب المهولة الناتجة عن تدوير محتويات تلقى رواجًا واسعًا، لذا يجب أن يكون هناك استثمار مستمر في تطوير أدوات مكافحة المعلومات المرئية الخاطئة والمضللة للتخلص من انتشار الشائعات، والتدريب بصورة مستمرة على الآليات والتقنيات التي تساعدهم على تجنُّب المحتوى المضلِّل، والحل بسيط جدًا للانتهاء من هذه الظاهرة الخطيرة، حيث يجب علينا أن ننتقل مِن عالم المعلومات إلى عالم العلم والمعرفة، ورفع مستوى الوعي لدى كافة طبقات المجتمع وخاصة فئة الشباب، وهذا من خلال خلق حملات توعويه لتوجيه وإرشاد الفئة المستهدفة من الشباب، فهم من يهتمون بنقل المعلومة، والاهتمام بدقة المعلومات ومصادرها الموثوقة.

وعلق الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمة له في كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، للاحتفال بعيد الميلاد المجيد ردًا على الشائعات التي انتشرت خلال الأيام الأخيرة بشأن بيع قناة السويس، بعد إقرار مشروع القانون الخاص بإنشاء صندوق قناة السويس، الذى أحيل لمجلس النواب.

وقال: «في ناس بتقول خلي بالكوا قناة السويس مش عارف هيعملوا فيها إيه، خلي بالكوا هيبيعوا حاجات منعرفش إيه، لو هنعمل حاجة هنعلن عنها مش هنخبي، وزي ما أنا بتكلم معاكوا هقول.. وبعدين هي مصر لو تعبت هنتخلى عنها؟!».

وتابع السيسي: «أنا شايف الناس في مصر قلقانة وخايفة، مش هقول إن ده مش مبرر، لكن إحنا مش بنخبي عليكم حاجة، أنا في كل مناسبة بتكلم، فمتديش ودنك لحد أقل ما فيه إنه غير مسئول».

حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها وجيشها من كل الشائعات