إن قضية عقوق الأبناء على آبائهم بسبب الطمع في المال أو الثروة تعتبر من القضايا الشائكة في هذا العصر حتى وصل بنا الحال إلى استخدام الشباب في سن صغير علي التحريض ضد الآباء أو الأمهات واستخدام كل منهم كأداة سواء كانت ضد الأب لحساب الأم أو الأم لحساب الأب فهي سلاح ذو حدين في حالة الانفصال أو الطلاق، وهذا يؤدي إلى صورة سلبية وكراهية مفتعلة للوالدين في نفوس الأبناء، لكسب ولائهم التام.
وقد تكون تلك الصورة السلبية هي السبب الرئيسي الذي يؤدي إلى ضعف شخصية الأبناء بل طمس ملامح تلك الشخصية تماما حتى تصبح هشة المعالم لا تصلح لتكوين أسرة أو بناء مستقبل ناجح أو حتى للقيام بدورها الإيجابي في المجتمع.
ويعد هذا تحريض ممنهج وشكل من أشكال الإساءة النفسية للشاب، إذ يجبره على اتخاذ موقف ضد أحد والديه اللذين يجب أن يوفرا له الحماية والرعاية.
وقد ينتج عن هذا التحريض آثار نفسية وسلوكية خطيرة كالاكتئاب وضعف الثقة بالنفس ومشاكل في العلاقات الاجتماعية والأسرية.
ولا ننسي أن من أهم الأسباب أيضا تفضيل الزوجة على الأهل أو محاولات الأم الانتقام من زوجها من خلال عصيان أبنائه عليه ووقوفهم أمامه سواء كان ذلك من أجل المال أو كنوع من تصفية حساباتها الشخصية مع زوجها باستخدام الأبناء أداة ضغط على الأب ومدى تأثير ذلك على علاقة الأبناء بآبائهم فيما بعد،، وتوابع تلك الأفعال المشينة في حق الآباء،، ضاربين بكل الأعراف والقيم والأصول الدينية والشرعية اتجاه واجب الأبناء على والديهم عرض الحائط،، غير مكترثين لخطورة تأثير هذا الجحود من الأبناء على آبائهم،، فعادة ما يتم تصوير هذا الموضوع من خلال قصص وشخصيات تعبر عن الأبناء الذين يتحولون إلى أشخاص متغطرسين ومتكبرين بسبب الثروة المالية التي يتمتعون بها، ويتجاهلون واجباتهم واحترامهم للآباء. يتم التركيز على الأبناء الذين يستغلون المال للسيطرة على الآباء والعائلة، وقد يقومون بأفعال غير أخلاقية أو يتجاهلون مسؤولياتهم الأسرية.
يهدف تناول هذا الموضوع في المسلسلات إلى تسليط الضوء على الآثار السلبية للثروة المفرطة والاستهتار بالمال على علاقة الأبناء بآبائهم والأسرة بشكل عام. حيث تظهر هذه الأعمال التلفزيونية كيف يمكن أن يتحول الثراء إلى عامل فصل بين الأفراد ويؤدي إلى انحراف الأبناء عن القيم والمبادئ الأسرية الصحيحة. بل قد يكون سبب رئيسي في عدم تحمل الابن المسئولية والسعي إلى الاجتهاد في العمل وتكوين شخصية مستقلة ناجحة متميزة تفيد المجتمع والأسرة والعائلة ولكن للأسف ما يحدث هو العكس وخاصة في هذا العصر الذي أصبحت كل قوانينه وقواعده مضللة للحقيقة.
ولو تحدثنا عن عقوق الأبناء للوالدين وحكمه في كتاب الله الكريم سنجد أن الدين قد خاطب الطفل قبل البالغ بحديث الرسول- صلى الله عليه وسلم- الذي أوصى بالأم ثلاث مرات ثم بالأب، والآية الكريمة: “فلا تقول لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما”.
ومن حق الولد على أبيه أن ينفق عليه، ما دام صغيرا، ومادام عاجزا عن النفقة، ينفق عليه أبوه إذا استطاع، ويؤدبه، ويعلمه ما أوجب الله عليه، وينهاه عما حرم الله عليه، ويكون قدوة له في الخير،، ولكن ما نراه الآن هو اتكالية الأبناء وعدم اكتراثهم لتحمل المسئولية عندما يصلون لمرحلة الشباب وكأن الأب ماكينة لصرف الأموال لا أكثر ولا أقل وكأنه حق مكتسب لا مفر منه وواجب على الأب.
يجب أن نعترف أننا في عالم من التحديات والتغيرات التي يواجهها الأهل في المجتمعات الحديثة. فعالمنا يتطور بشكل سريع، وتتغير القيم والمعتقدات والتوجهات الاجتماعية، مما يؤثر على تربية الأبناء وعلاقتهم بأسرهم.
ففي الماضي، كانت التربية تركز بشكل أساسي على الانضباط والطاعة، وكان الأهل يتخذون قرارات التربية بشكل مستقل وكانت العلاقة تقوم على الاحترام للشخص الأكبر سنا وتقدير مجهود وتضحيات وعطاء الآباء اتجاه أبنائهم ولكن مع تطور المجتمعات وتغير القيم والتوجهات الاجتماعية، بدأت التربية تتجه نحو قلة الاحترام للأب وأصبح الأب مجرد حماية مادية فقط في عملية التربية. وفي هذا السياق، قد ينشأ توتر بين الأبناء والآباء.
فمن جانب الأهل، قد يشعرون بالقلق والحيرة تجاه هذه الظاهرة المعروفة بـ”جحود الأبناء”. قد يتساءلون عن الأسباب التي أدت إلى هذا التغير في سلوك وتفكير الأبناء، وقد يشعرون بالذنب أو الفشل عندما يواجهون صعوبة في التواصل وفهم أطفالهم.
من الواضح أن العوامل المؤثرة في جحود الأبناء واختلاف التربية عن السابق هي متعددة ومتشعبة. منها تأثير وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات، حيث يتعرض الأبناء لتأثيرات متعددة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية. كما تؤثر المدارس والأصدقاء والبيئة المحيطة بالأبناء في تشكيل شخصياتهم وقيمهم.
وفي النهاية وقبل أن أختم مقالي فمن الضروري توجيه تلك النصائح للجيل الجديد من الشباب ولنا كآباء لهم هو الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه الكريم والتمسك بقيمة الأب واحترامه والعمل على كسر الأعذار والتبريرات الوهمية للهروب من تحمل المسئولية لدى الشباب فهم جيل الغد وقادة المستقبل لنشئت المجتمعات.
أحدث التعليقات