عفواً ترافيس سكوت.. مش عاوزينك فى مصر

مما لا شك فيه أننا أصبحنا فى عالم مجنون وفى عصر أكثر جنوناً، حيث اختلفت وتضاربت واختلت الموازين فى كل شىء، وأصبح الصواب خطأ والخطأ هو الصواب، وكأننا لم نر ولم نسمع ولم نشاهد أى قيم أو مبادئ وأصول، أصبح القبح أسلوب حياة، والسلوكيات الحمقاء الشيطانية هى المسيطرة على جيل كامل لديه هوس فى كل شىء وأى شىء، هوس فى الحياة، هوس فى التعامل مع الآخرين، هوس فى الحصول على المال وتحقيق الشهرة حتى وإن كانت شهرة زائفة، شهرة لا أساس ولا وجود لها إلا فى عقول الشباب ومن يشجعهم ومن يدعمهم ومن يخلق ويصنع لهم الأجواء والأدوات للوصول لنفس الهدف، فأصبحنا نستخدم العالم الافتراضى مثل الهواء، نتنفس إنستجرام وتيك توك، ونأكل ونشرب تويتر وفيسبوك، حتى تطور الأمر واصبحنا نواجه حرباً من نوع خاص أخطر وأشرس من كل هذا، وهى حرب مبادئ وقيم، يقول أحد المستشرقين إذا أردت ان تهدم أمة فعليك بثلاثة، ومنها هدم الأسرة والقيم ولكنى أقول، إذا أردت هدم المجتمع فعليك بتشويه وهدم الفن والثقافة، وللأسف هذا ما نراه ونسمعه بل ونشاهده فى كل مجالات حياتنا، فأصبحنا فى عالم المهرجانات المجنون والموسيقى الصاخبة والضجيج والتلوث السمعى فى حين أننى وأجيالاً كاملة من قبلى ومن بعدى تربينا وكبرنا على زمن الفن الجميل الراقي مثل أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم حافظ وشادية ومن الأجيال الجديدة عمرو دياب وحميد الشاعرى ومحمد منير وسميرة سعيد ولطيفة وميادة الحناوى، حتى الأغاني الغربية، كنا نستمتع بأجمل الفرق الأجنبية العالمية مثل
Guns N’ Roses.. The eagles.. Queen.. Nirvana
ومايكل جاكسون ومادونا وغيرهم، ومغنى الراب الشهير توباك وjay-z، لم نسمع يوماً أن مغنى راب يعبد الشيطان ويقع فى حفلاته العديد من ضحايا طلباته الشنعاء باختراق الحواجز الأمنية وعدم احترام التأمين للجمهور وسلامته والقفز من أعلى مرتفع بقاعات الحفلات وتقديم القرابين الشيطانية الشاذة والكثير من علامات وإشارات وملابس وأشكال وجمل وكلمات كلها تشير للإلحاد، وكل هذا نجده فى مغنى الراب الشهير ترافيس سكوت، لكنه للأسف الواقع الأليم الذى نعيشه ويعيشه أبناؤنا وجيل كامل يتابع ويتخذ منه قدوة باسم الفن، وما أشبه اليوم بالبارحة، فقد خرجنا من أغانى المهرجانات لندخل فى جدل حول استقبال «ترافيس سكوت» لإقامة حفل بمصر عند سفح الأهرامات، وما بين مؤيد له ومعارض تضيع الكثير من الحقائق، والتى يجب على كل أب وكل أم وكل ولى أمر أن تكون له القدرة والقوة للتصدى وألا تخترق أبناءنا وتسمم أفكارهم.
لا يمكن نكران تأثير الفن على الشباب وأن له قدرة كبيرة على توجيههم نحو التغيير، فالشباب هم جيل المستقبل ويتمتعون بالحماس والقدرة على الإبداع والتطور، والفن يتحدث عن لغة الشباب ويمكنه الوصول إلى عواطفهم وأفكارهم بشكل فريد،
الفن يوفر منصة للشباب للتعبير عن آرائهم وصوتهم، ويمنحهم الفرصة للمشاركة في الحوارات والمناقشات العامة. يمكن للشباب أن يستخدموا الفن كوسيلة لإيصال رسائلهم وتوثيق تجاربهم وتعبيرهم عن آمالهم وتحدياتهم.

في ختام المقال، يتضح أن ما يحدث ونراه اليوم ليس بفن وأنما هو أمر يشكل خطرًا على الشباب ويستحق الانتباه، بل تجربة سلبية قد تؤثر على القيم والسلوكيات لدى الشباب، وقد يؤدي إلى تأثير سلبي على صحتهم العقلية والنفسية.
ولا يمكن أن يكون الفن عبارة عن محتوى عنف أو مشاهد مُخلّة أو رموز سلبية، أو أفكار وسلوكيات شيطانية وهذا قد يؤدي إلى تعزيز التوجهات العدوانية أو الاستهانة بالآخرين. قد يعرض الشباب لمخاطر عديدة وقد يؤدي ذلك إلى تدهور سلوكهم وتراجع قدراتهم على اتخاذ القرارات الصائبة.
من المهم أن يكون للشباب وعائلاتهم والمجتمع نقاش مفتوح حول الفن الهدام وتأثيره السلبي المحتمل. يجب تعزيز الوعي بمضار هذا النوع من الفن وتوفير الإرشاد والتوجيه للشباب حول اختياراتهم الفنية.

باختصار، يجب أن نكون حذرين من خطورة تلك النماذج المتسترة وراء رداء الفن على الشباب. يجب توجيههم نحو الفن الإيجابي الذي يثري حياتهم ويعزز قيمهم ومبادئهم، من خلال الإرشاد والتوعية، وتعزيز نمط حياة صحي ومبدع، وفى النهاية لا يسعنى إلا أن أقول: ارحمونا يا بشر بل ارحموا أبناءنا قبلنا.