محمود خطاب يكتب:

الأم كلمة صغيرة وحروفها قليلة لكنّها تحتوي على أكبر معاني الحبّ والعطاء والحنان والتّضحية، وهي أنهار لا تجفّ ولا تتعب، متدفّقة دائماً بالكثير من العطف الذي لا ينتهي، وهي الصّدر الحنون الذي تُلقي عليه رأسك وتشكو إليه همومك ومتاعبك، الأم هي التي تعطي ولا تنتظر أن تأخذ مقابل العطاء، وهي التي مهما حاولتَ أن تفعل وتقدّم لها فلن تستطيع أن تردّ جميلها عليك ولو بقدر ذرة صغيرة؛ فهي سبب وجودك على هذه الحياة، فأقل ما يمكن تقديمه هو الدعاء للأم، وسبب نجاحك تُعطيك من دمها وصحّتها لتكبر وتنشأ صحيحاً سليماً، فهي عونك في الدّنيا، وهي من تُدخلك الجنّة.

فقال فيها حافظ إبراهيم

الأُمُّ مَـدْرَسَــةٌ إِذَا أَعْـدَدْتَـهَـا أَعْـدَدْتَ شَعْبـاً طَيِّـبَ الأَعْـرَاقِ

الأُمُّ رَوْضٌ إِنْ تَـعَهَّـدَهُ الحَـيَــا بِـالـرِّيِّ أَوْرَقَ أَيَّـمَـا إِيْــرَاقِ

الأُمُّ أُسْـتَـاذُ الأَسَـاتِـذَةِ الأُلَـى شَغَلَـتْ مَـآثِرُهُمْ مَـدَى الآفَـاقِ

الأمّ هي نبع الحياة، وهي الشمس التي تنير حياتنا، وهي النور الذي يضيء طريقنا في ظلمات الحياة، هي من تلجأ لها في أشدّ الظروف قسوة فتجدها بانتظارك لتمسح الهموم عن صدرك، هي أوّل من يفرح لك، وأوّل من يقف معك ويواسيك في حزنك، نعم هي الأم أعظم وأحنّ مخلوق على هذه الأرض، فمهما حاولنا أن نوفيها جزءاً من تعبها ومدى تحمّلها عجزنا عن ذلك، فالحديث عن الأم لن يكفيه الأقلام ولا المجلدات، الأمُّ هي أولى الناس بالحبّ والرعاية والعطف والعناية، وهي أكثرُ مَن يستحقّ الالتفاتَ والطاعة، ليس فقط لأنّها السبب في وجودِ أبنائها وتربيتهم، بل إنّها أكثر مَن يتمنّى الخير للأبناء، ولا يمكن أبدًا أن يعثر الإنسان على شخصٍ يُحبّه محبةً خالصةً كما تفعل الأم، فحبّ الأم يكون حبًا خالصًا ليس فيه أي مصلحة، وهي بهذا تتفوق على الجميع بما فيهم الأب، إذ يقول الله -سبحانه وتعالى: “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”، فعطاء الام نحو أبنائها يبدأ قبل ولادتهم، فهي تمنحهم من جسدها وصحتها منذ أن يبدأ أول يومٍ في الحمل، وتستمرّ رعايتها إلى آخر العمر.

واجب الأبناء تجاه الأم

  • الجلوس إلى جانبها، والتودد لها بالحديث حول ما تحب من الأحاديث التي تعبر عن عطائها، وتشعرها بأهميتها عند أبنائها. وأن يقوموا بتقديم الهدايا والطعام إليها، وعدم التقدم عليها عند المشي أو الحديث. ملاقاتها بوجه بشوش، وبكلمات طيبة وجميلة، والإطراء عليها باستمرار. تقديم الرعاية الصحية لها، وكل ما تحتاج إليه من أدوية، وعلاجات، وزيارات طبية، يجب الحرص على عدم إشعارها بالضجر من حديثها أو وضعها الصحي، وعدم التأفف من طلباتها، والحرص على زيارتها بشكلٍ مستمر، وعدم الغياب عنها لفتراتٍ طويلةٍ حتى مع كثرة المشاغل، فالأمَ تعد باب رحمةٍ للأبناء في السماء.
  • الترويح عنها بأخذها في الرحلات، وزيارة من تحب من الأقارب والأصدقاء، وشراء ما تحب من الأطعمة.
  • تقبل النصائح التي تقدمها والاستئناس بها، حتى وإن كانت في غير موضعها،عدم مقاطعتها أو إزعاجها في الكلام حتى وإن احتدة في الكلام أو في طريقة النصح، فذلك لا ينفي واجب برها أو الإحسان إليها.
  • تعليم الأحفاد بأهميتها، وواجبها نحوها، وضرورة الإحسان إليها، فذلك يزيد من سعادتها وغبطتها، وعدم إشعارها بتفضيل الزوجة أو الزوج عليها.

لقد كرم الله سبحانه وتعالى الأمَ وكذلك الرسول ﷺ كرم الأمَ وأوصانا بها وذكرها الله عز وجل في آيات قرانيه عديدة نظراً لمكانة الأمَ، وعظمة الدور الذي تقوم به، تجاه أبنائها.

فقال سبحانة وتعالي: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا “.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

“جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟، قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أبوك)

تمارس الأم دورها بشغف عظيم ومبهر، وقليل عليها الاحتفال بكل سنة فدورها لا يقدر بأي ثمن، كل ما ترغب به الأم أن ترى أبناءها أفصل الناس،

وان اتبعوا نصيحتها ويطيعوها فيما هو بمصلحتهم، ونصائحها دائما تكون من خلال تجربتها بالحياة وخبرتها، وذلك حتى لا يعيدوا نفس الأخطاء وحتى تراهم أفضل منها في حياتهم القادمة.

كل هذا الكلام قليل بحق الأم فهي أغلى من ذلك بكثير ولا يوجد مثلها مهما تحدثنا.

حفظ الله أمي وكل الأمهات من كل شر